ذكرى تاريخ و حاضر

ذكرى تاريخا .. وحاضرا ...
ذكرى ..
بين الأسوار والمدن .. بين الطرقات نسير .. من مياه النهر نشرب .. من أشجار الزيتون نأكل .. من شجر التين نتذوق طعم الحلوة الفلسطينية .. على التراب نجلس .. على الجبال نمرح .. في البحر نبحر .. ونسرح .. وفي التأمل نعيش لجمال الطبيعة الخضراء .. هذه ذكرى ..
هذه ذكرى .. من جلسات جدي نستمع ونتمتع .. من حكايات الزمان القديم .. الهارب الشارد منا .. من مفتاح معلق على باب غرفة جدي .. من وثائق صفراء بعد أن كانت بيضاء اللون .. من زمان تجمعت فيها حقارات الشعوب ونومها الهنيء .. ذكرى الهجرة .. ما أصعبها من هجرة .. حينما يخرجك المحتل الغاصب بسلاح وقح .. من بيتك تتنقل من بلدة إلى بلدة .. من دولة لدولة .. لتصبح لاجئي ..
بعد أن كنت صاحب أرض وهوية .. بعدما غسلت وجهك في زيت الزيتون .. وأكلت العنب الأخضر .. والزعتر الجبلي و جدتك على الطاحونة تطحن القمح الأصفر ليصبح خبزا .. ورائحة الياسمين في كل حارة ومدينة ورائحة الطين المتشابكة بالندى السماوي الذي ينطق حرية وتاريخ أصحاب الأرض .. وبصمات الجدران القديمة لحضارة فلسطينية معروفة عريقة .. لتراث وملابس أجداد وأناس لم يتنازلوا واستمروا في حمل هذه الهوية والصورة والتراث .. من أفراح فلسطينية وموسيقي فلسطينية و رقصات فلكورالية .. ذكري مدينتك .. ومدينتي .. ذكرى أجداد .. ولكن ذكري ليست أي ذكري .. ذكري تاريخ مكتوب على الجبال والأشجار .. لذاكرة تمضي بين الأماكن الفلسطينية في كل يوم .. تحي نفسها بنفسها .. لتبرهن شدة حبها للأصالة الفلسطينية .
ذكرى هجرة جدي ... وأبي .. يا لها من ذكري تؤلمني .. وتأخذني لسماء الجنون ..
تبقى حكايات جدي راسخة فينا كعمق البحر .. كسماء الزرقاء .. كالمولود في بطن أمه ..
ذكري ... ويبقي الصمت عبر الحدود يأخذني ليافا .. ومدينة القدس الصفراء .. وللجبال الخضراء .. وللهضاب البيضاء .. وللمياه العذبة ...ولسهول التي تغني مجدا .. ولطعم المدن و القرى .. المبللة برائحة مسك الشهداء الأوائل .. أصحاب الدفاع الأول والصد للصهاينة
هم مجد .. وهم رجال من حركوا التاريخ .. عبر سفن العالم .. وبين ثنايا النصر والمجد ..بالفكرة الفلسطينية .. والقضية ..
ذكرى : ليست بذكرى كأي ذكرى ... بل هي موجودة فينا في كل يوم .. وليست هي بذكري بل بحاضر يومي تعيش فينا.. جدي يورثها لأبي .. وأبي يورثها .. لي .. وأنا أورثها لأبنائي .. وأبنائي يورثوها لأبنائهم .. يا لها من ذكرى مستمرة .. تبقي حاضرا .. ذكرى مليئة بجداريه تاريخ مرسومة .. محفورة .. في جبال فلسطين في سمائها الزرقاء الخضراء الأرجوانية .. محفورة في الزهور والتي تتبسم للأرض .. التي تنقش الهواء أمل .. لتمرح بين ثنايا الأرض بين الطرقات والمدن ..... لتصبح الحاضر الأبدي الفلسطيني لكل من قال أنا .. أبن فلسطين .. أبن يافا ... أبن عكا .. أبن الرملة .. أبن حيفا .. أبن جنين .. أبن نابلس .. أبن الناصرة .. أبن الخليل .. أبن رام الله .. أبن غزة .. أبن الأرض المفعمة بتاريخ والأجداد وأبن الأصالة العربية ... أبن الوطن الأصلي ..
كلنا فلسطين ...
لنا فلسطين ... لنا فلسطين .... نحن الوطن .. والوطن نحن ...
تبقى وتبقى ذكري التاريخ والحاضر في وقت الزمان .. لن تموت .. وستبقى حقيقة في أيام ليست بعيدة .. وهي حقيقة الآن معنا تعيش كما هي .. تمرح وتفرح معنا ...
ذكرى .. من ذكرياتي .. الأبدية التاريخية الحاضرة